13 شباط 2008
أصدر البنك الدولي اليوم تقريراً حول قطاع الاتصالات الفلسطيني.
وفقاً لهذا التقرير، سيكون لفتح مجال المنافسة أمام قطاع الاتصالات الفلسطيني آثار بعيدة المدى على الاقتصاد. حيث سيؤدي تحسين الكفاءة الناتج عن المنافسة إلى تخفيض تكاليف تنفيذ الأعمال في كافة القطاعات وتكاليف خدمات الاتصالات المقدمة للعملاء كما سيساعد على رفع إيرادات الحكومة. وبالإضافة إلى ذلك، ستتمكن السلطة الفلسطينية على تطوير قدراتها لتوفير بيئة تنظيمية أفضل للاقتصاد ككل من خلال تطوير قدرتها على تنظيم القطاع الأكثر إحتكاراً في الضفة الغربية وقطاع غزة والحث على المنافسة في سوق الاتصالات.
يتم تقديم كافة خدمات الاتصالات القانونية تقريباً في الضفة الغربية وقطاع غزة من قبل مجموعة الاتصالات الفلسطينية (بالتل) والتي تتضمن المزود المرخص الوحيد للاتصالات الخلوية ولخدمات الخط الثابت والربط بالانترنت. ومع عدم وجود منافسين في المجال، تعمل شركة الاتصالات الفلسطينية (بالتل) كشركة محتكرة للقطاع حيث ينافسها مزودون إسرائيليون فقط. وعلى الرغم من حظر قيام المزودين الإسرائيليين بتقديم خدمات لسكان الضفة الغربية وقطاع غزة بموجب اتفاقية أوسلو، إلا أنه يقدر أن المشغلون الإسرائيليون يشكلون ما نسبته 20% من السوق. وقد حصل مؤخراً مشغل ثانٍ في مجال الاتصالات الخلوية، ألا وهو شركة الوطنية، على ترخيص والذي سيفتح المجال أمام المنافسة في السوق. ومع ذلك، وحيث أن إسرائيل تعهدت من حيث المبدئ على إصدار الترددات الالسلكية اللازمة لعمل الشركة الوطنية، إلا إنها لم تقم بذلك حتى الآن. ويقدر البنك الدولي بأن هذا التأخير سيكلف السلطة الفلسطينية والتي تعاني من ضائقة مالية 13 مليون دولار في السنة الأولى و 28 مليون دولار في السنة الثانية من التأخير. كما يعني التأخير أيضاً بأن السلطة الفلسطينية لم تستلم بعد سعر البيع الذي يبلغ 355 مليون دولار ولم تنفذ شركة الوطنية سوى القليل من الاستثمارات الضرورية التي وعدت بها والبالغ قيمتها 600 مليون دولار.
وبالإضافة إلى الافتقار إلى الترددات المطلوبة، من الصعب على المشغلين الجدد الدخول إلى السوق كما أنه من الصعب على المشغلين القائمين توسيع نطاق عملهم بسبب القيود المفروضة على استيراد المعدات أو إنشاء البنية التحتية المطلوبة في المنطقة ج في الضفة الغربية. على سبيل المثال، أُرغمت شركة جوال على وضع جزء من مفاتيح تشغيل الاتصالات الخلوية الخاصة بها في لندن لأن دائرة الجمارك الإسرائيلية لم تسمح باستيراد المعدات اللازمة. كما أشارت جوال بأنها تقدمت بالعديد من طلبات إنشاء الأبراج وغيرها من البنى التحتية في المنطقة ج لكنها لم تحصل على أالموافقة بذلك. وأدى ذلك إلى قيام جوال بإنشاء أبراج تزيد عن حاجتها في المنطقة أ وأثر ذلك أيضاً على جودة خدماتها.
وبسبب عدم قدرة المشغلين الآخرين على الدخول إلى السوق، كانت شركة الاتصالات الفلسطينية (بالتل) قادرة على تعزيز قدرتها السوقية. ومجموعة الاتصالات الفلسطينية (بالتل) هي عبارة عن شبكة متكاملة تتجلى هيمنتها في امتلاكها لحصة كبيرة في كافة قطاعات السوق ذات العلاقة (حيث يتم السيطرة على معظمها على شكل احتكار) وكونها الشركة الوحيدة القادرة على العمل ضمن مجموعة واسعة من القطاعات. هذا وتنظر وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الفلسطينية في الوقت الحاضر في منح تراخيص جديدة للمشغلين من أجل تقديم خدمات نقل البيانات والتراسل الصوتي عبر بروتوكول الانترنت (VOIP ). ومن شأن هذه التراخيص أن تحسن بشكل كبير من المساحة التنافسية في الضفة الغربية وقطاع غزة من خلال فتح المجال أمام المنافسة في البنية التحتية والخدمات المتعلقة بالتراسل الصوتي ونقل البيانات. وبينما هناك تحركات لرفع مستوى المنافسة، كانت خطى وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بطيئة في بناء القدرتها لتنظيم السوق بفعالية. وإن السماح لمشغل ثان للاتصالات الخلوية بالدخول إلى السوق سيعجل من خطى هذا التطور، مما سيوفر نموذجاً فعالاً للتنظيم في بقية جوانب الاقتصاد الفلسطيني.
وبعد الإطلاع بشكل شامل على قطاع الاتصالات في الضفة الغربية وقطاع غزة، ينصح البنك الدولي باتخاذ الإجراءات التالية:
(أ) فتح المجال أمام المنافسة الكاملة: في سبيل تمكين المنافسة الفعالة، تعتبر الخطوات التالية هامة وجوهرية:
· أن تطلق إسرائيل الترددات لصالح المشغل الثاني في مجال الاتصالات الخلوية، ألا وهو شركة الوطنية.
· أن تنفذ السلطة الفلسطينية السياسة المعلن عنها من قبل وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات فيما يخص إصدار تراخيص جديدة في قطاع نقل البيانات.
· أن تصدر السلطة الفلسطينية الترددات التي تعتبر هامة من أجل منح تراخيص نقل البيانات لاسلكياً (مثل تقنية Wi-Max ).
· أن تنظم وتراقب السلطة الفلسطينية الالمنافسة في القطاع و وتركيز القوة الاحتكارية في شركة الاتصالات الفلسطينية (بال تل).
(ب) تشجيع التعاون الفني بين الفرق الفنية الإسرائيلية والفلسطينية: إن الصراع القائم يلحق الضرر بعمل اللجنة الفنية المشتركة وبتنفيذ الأحكام بموجب البنود المتعلقة بقطاع الاتصالات في اتفاقية أوسلو. وينبغي تشجيع ودعم آلية المفاوضات المنظمة الخاصة باللجنة الفنية المشتركة، بما في ذلك قيام إسرائيل بعقد اجتماعات متوقعة للهيئة. وتشتمل القضاية التي يجب تناولها قيام إسرائيل بالسماح لشركات الاتصالات الفلسطينية باستيراد المعدات بسهولة وتحديد موقع البنية التحتية اللازمة في كافة مناطق البلاد. ونظراً إلى الأمور السكانية والجغرافية للمنطقة التي تتم تغطيتها، نجد أنه من الصعب الفصل الواضح لمنع الوصول إلى السوق الفلسطيني بشكل مطلق من قبل المشغلين غير المرخصين رسمياً من قبل وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. وحيث ينبغي توقف المشغلين غير المرخصين من قبل وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات عن تسويق خدماتهم في الأراضي الفلسطينية، فما يزال من الضروري الاستمرار في إجراء الترتيبات العملية مثل ترتيبات للمشاركة في الإيرادات مع المشغلين المرخصين لتنظيم أعمال هؤلاء الشركات الغير مرخصة والتعويض عن رسوم الترخيص المدفوعة.
(ج) تعزيز القدرة المؤسسية والتنظيمية والتنفيذية لوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وإنشاء وحدة تنظيمية داخل الوزارة ليتم تحويلها إلى هيئة تنظيمية مستقلة لقطاع الاتصالات في المستقبل. هناك لوائح تنظيمية جديدة قيد الإعداد كما قامت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بنشر مسودة إرشادات تتعلق بالاتصالات. وتعمل الوزارة حالياً على تشريع قانون اتصالات جديد يهدف إلى إيجاد هيئة تنظيمية لقطاع الاتصالات. وينبغي أن تنشأ الوزارة وحدة تنظيمية داخل الوزارة بهدف تنظيم القطاع إلى حين إنشاء الهيئة التنظيمية. وينبغي أن تحصل وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات على مصادر إضافية لتناول الأولويات التنظيمية التي تواجهها أية وزارة خلال فترة فتح المجال أمام المنافسة، بما في ذلك جوانب أخرى تتعلق بتنظيم الاتصالات (مثل حل النزاع وتحديد تكلفة الاتصالات)؛ وتطبيق القوانين ومنح التراخيص وإدارة ومراقبة الطيف الترددي وإمكانية الاحتفاظ بالأرقام. وتتمثل الأولوية الأكثر أهمية في استحداث شكل من أشكال قانون المنافسة وتنظيمه ووجود أدوات تنظيمية لمراقبة ومعاقبة السلوك
المعادي للمنافسة.
(د) تحسين تحصيل الضرائب والحوكمة. يمكن أن توفر المنافسة الفعالة بين مشغلي الاتصالات أرباحاً مالية ضخمة وموثوقة قصيرة وطويلة الأجل. وينبغي أن تطبق السلطة الفلسطينية نظاماً أكثر شفافية لتحقيق وتحصيل الإيرادات المتأتية من الضريبة. كما أنه من المستحب إجراء تحسينات على تحصيل الضرائب إضافة إلى الاتفاق حول كيفية فرض ضريبة على الإيرادات المتحققة للمشغلين الإسرائيليين الذي يقدمون خدمات للعملاء العرب في الضفة الغربية.